Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE

اخبار عاجلة

latest

اتفاق استكهولم.. هل تتكرر الكارثة الأممية التي حوّلت الحديدة إلى قاعدة عسكرية ايرانية متقدمة؟

  اتفاق استكهولم.. هل تتكرر الكارثة الأممية التي حوّلت الحديدة إلى قاعدة عسكرية ايرانية متقدمة؟ عرض حوثي في الحديدة نائف نيوز / الحديده في س...


  اتفاق استكهولم.. هل تتكرر الكارثة الأممية التي حوّلت الحديدة إلى قاعدة عسكرية ايرانية متقدمة؟

عرض حوثي في الحديدة





نائف نيوز / الحديده









في سبتمبر 2022، نظَّمت مليشيا الحوثي عرضًا عسكريًا كبيراً في مدينة الحديدة الساحلية، استعرضت فيه صواريخ باليستية وطائرات دون طيار وزوارق مسيّرة وأنواعاً من الألغام البحرية.



ويعد أوّل استعراض تنفّذه منذ توقيعها اتفاق استكهولم مع الحكومة الشرعية نهاية 2018 برعاية الأمم المتحدة، ومثّل خلاصة نشاطها العسكري المكثّف طيلة سنوات الهدنة التي فرضها الاتفاق.



وفي حين أدانه العالم باعتباره انقلاباً صارخاً على اتفاق الحديدة، وتحدّياً لإرادة المجتمع الدولي، وتهديداً علنياً لحركة الملاحة الدولية؛ كانت إيران وحدها من امتدحته بوصفه "الجوهر الحقيقي لمحاربة الغطرسة في منطقة باب المندب الحساسة".



وينص الاتفاق- إلى جانب التدابير الإنسانية والاقتصادية- على إخلاء مسلّحي الحوثي من موانئ الحديدة بعد 14 يوماً من توقيعه، وإنهاء المظاهر المسلّحة في المدينة بما فيها انتزاع الألغام لتسهيل تدفق الإمدادات الإغاثية إلى السكّان المتضررين.



واعتبرت الأمم المتحدة هذا الاتفاق اختراقًا دبلوماسيًا مهمّاً ومن شأنه إنهاء الأزمة الإقتصادية والإنسانية في البلاد. معلنة أنّ نهاية الحرب اليمنية "باتت في متناول اليد".



ورغم حالة السخط لدى الحكومة اليمنية والتحالف الداعم لها، وقبلهما الشعب اليمني، من اتفاق استكهولم ونتائجه "الكارثية"، إلا أن الأمم المتحدة ومعها الاقليم هذه المرة يتجهون نحو نسخة جديدة من اتفاق سلام تشبه خصائص إنتاجه اتفاق السويد، وهو ما يشير إلى أن تداعياته _إن استمر وفق المسار الحالي_ ستكون أخطر بأضعاف كثيرة.



أزمة إنسانية مستمرة



ورغم أن الوضع الإنساني كان مبرر الأمم المتحدة والدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا، لدفع الحكومة الشرعية لتوقيعه؛ إلا أن معاناة أبناء الحديدة ما تزال ماثلة أمام أنظار العالم، وما تزال الأسر النازحة تقاسي الجوع والفاقة بعد أربع سنوات من الوعد الأممي الشهير.



وتوضّح إحصائية مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية "الأوتشاء" في فبراير 2021، أن 425,059 من نازحي الحديدة يحتاجون إلى المعونة الإنسانية، منهم 40٪ يواجهون ظروفًا "كارثية".



فيما تؤكد المعلومات تزايد الانتهاكات الحوثية المباشرة ضد المدنيين؛ بما فيها مداهمة المنازل وقصف القرى والأحياء السكنية وزراعة الألغام. ومنذ التوقيع وحتى فبراير 2020، تسببت بمقتل 500 مدني، وهجّرت أكثر من 150 ألف مواطن، وفقاً لمحافظ الحديدة الحسن طاهر.



وتؤكّد بيانات حقوقية إصرار مليشيا الحوثي على إعاقة مرور شحنات الإغاثة، وتشديد الحصار على المدنيين، ومنهم سكّان مديرية الدريهمي الذين تستهدفهم بالقصف وتمنع عنهم الخدمات والمساعدات.



وفي مارس 2020، استهدفت بعبوة ناسفة شحنة مساعدات إغاثية تابعة لبرنامج الغذاء العالمي في خط الدريهمي، ما أدى إلى تضرر الشاحنة وإصابة طاقمها. وفي الوقت ذاته، منعت فريقاً أمميًا من زيارة الأسر المحاصرة في الدريهمي للاطلاع على أوضاعها ومساعدتها.



وطالت عمليات القصف الحوثي مخازن الغذاء التابعة للمنظمات الدولية بمدينة الحديدة، ومنها مستودعات القمح التابعة لبرنامج الغذاء العالمي، ما حرم مئات الآلاف من المحتاجين منها.



ورصدت اللجنة العليا للإغاثة، أكثر من 185 انتهاكًا حوثيًا طال العمل الإغاثي والإنساني بمحافظة الحديدة. موضحة في بيان أصدرته مطلع 2019 أن هذه الانتهاكات "تدرجت من قتل اثنين من سائقي شاحنات الإغاثة، إلى اختطاف أكثر من 25 موظفًا إغاثيًا، واحتجاز السفن الإغاثية، وإحراق مخازن برنامج الأغذية، واقتحام مكاتب المنظمات ومخازن المنظمات الدولية.



وحينها، قال وزير الإدارة المحلية رئيس لجنة الإغاثة عبدالرقيب فتح، إن تحرير الحديدة "أكبر عمل إغاثي وإنساني يجب أن يدعمه العالم المتحضر" بعد رفض الحوثيين تنفيذ اتفاق استكهولم.



تمدد عسكري حوثي



نجحت الأمم المتحدة، بموجب اتفاق استكهولم، في إيقاف زحف القوات الحكومية التي كانت على بعد خطوة من تحرير الحديدة بالكامل بعد وصولها الأطراف الجنوبية والشرقية للمدينة.



وفي الوقت ذاته جسّدت دور الملاك الحارس بالنسبة لمليشيا الحوثي؛ فبعد أن أنقذتها من السقوط، مكّنتها بوقف إطلاق النار من التقاط أنفاسها وتقوية موقفها العسكري إلى أبعد مدى.



وفي نوفمبر 2021، بسطت المليشيا سيطرتها على معظم أراضي الحديدة بعد انسحاب القوات المشتركة من محيط المدينة وتراجعها وصولاً إلى مديريتي الخوخة وحيس جنوب المحافظة.



وأوضح بيان للتحالف العربي، حينها، أن الانسحاب جاء بعد "تجاوز الانتهاكات الحوثية لاتفاق ستوكهولم 30 ألف انتهاك" خلال ثلاث سنوات، في حين تواصل المليشيا تعطيل الاتفاق والسيطرة على الموانئ الرئيسية المطلة على البحر الأحمر (الحديدة، والصليف، ورأس عيسى).



وطيلة هذه الفترة ترددت أسئلة اليمنيين عن جدوى الاتفاق ووجود البعثة الأممية بجوار مسلّحي الحوثي المحتلين لموانئ الحديدة رافضين الانسحاب منها تنفيذاً للبند الأول من الاتفاق.



ورغم ذلك التزمت "أونمها" الصمت المطبق إلا من بيانات الوهم بثبات الهدنة وتراجع الأزمة الإنسانية وتقدّم المحادثات، متجاهلة خروقات الحوثيين المتصاعدة في كل الاتجاهات، بما فيها عمليات القصف المدفعي والصاروخي التي طالت نقاط المراقبة وفريق لجنة إعادة الانتشار.



قاعدة عسكرية إيرانية متقدّمة



وقبل أن تستعرض مليشيا الحوثي ما حققته بفضل الهدنة، كان مسؤولون في السلطة المحلية بالحديدة، قد حذّروا مراراً من تسرّب خبراء من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني إلى المدينة بعد اتفاق استكهولم، عبر تهريبهم بحراً. محذّرين من نشاط الحوثيين وإيران في إنشاء الورش والمعامل لتركيب وتفخيخ الطائرات والزوارق المسيّرة والألغام البحرية.



وكان التحالف قد نفّذ عمليات جوّية لاستهداف بعض هذه المواقع، محذّراً من استخدام الأعيان المدنية في الحديدة لأغراض عسكرية، بما فيها ميناء الحديدة الذي قال إنه أصبح مركزاً لتهريب وتجميع الصواريخ الباليستية الإيرانية.



ونهاية 2021، أعلن ناطق التحالف تركي المالكي، عن تدمّير 100 زورق أطلقتها مليشيا الحوثي لاستهداف الممرات الدولية. مضيفاً أنها "هددت الملاحة البحرية بأكثر من 247 لغمًا بحريًا".



واستعرض المالكي، خلال مؤتمر صحفي "أدلة تثبت تحكم وسيطرة مليشيا حزب الله اللبناني الموالي لإيران على الحوثيين" ودعمهم ميدانيًا لاستهداف السعودية وتهديد الملاحة الدولية.



وضمن ما عرضه تسجيلات تظهر أحد خبراء حزب الله اللبناني وهو يوجّه القيادي الحوثي أبو علي الحاكم بشأن الحديدة والبحر الأحمر، متحدثاً عن اتفاق استكهولم وكيف أبقى الحديدة وموانئها بأيديهم بعد أن كادت تسقط بيد القوات الحكومية.



وقال الخبير العسكري "لولا الهدنة التي حدثت برعاية الأمم المتحدة كانت الحديدة سقطت من أيدينا". محذراً في الوقت ذاته من الخلافات الحوثية البينية والتي قال إنها كانت سبباً لوصول القوات الحكومية إلى مشارف مدينة الحديدة.



وتطرق إلى تهريب الأسلحة الإيرانية والخبراء إلى الحديدة، قائلاً: "إذا خسرنا البحر سنخسر الدعم ولن يتمكن المجاهدين من الوصول إلينا، لقد بدأنا نرتب صفوفنا ونحشد المجاهدين إلينا".



وهو ما اعتبرته الحكومة على لسان وزير إعلامها معمر الإرياني، "دليل على أن الحرس الثوري الإيراني ومليشيا حزب الله اللبناني من تدير العمليات العسكرية في اليمن (قيادة، تخطيط، قتال، تدريب، تسليح، تصنيع)، ومن تطلق الصواريخ وتفخخ الطائرات لقتل اليمنيين واستهداف السعودية".



ومنذ العام 2019، كانت مليشيا الحوثي قد صعّدت هجماتها ضد السفن التجارية وأهداف حيوية في السعودية والإمارات، باستخدام صواريخ وطائرات مسيّرة نوعية، معظمها انطلقت من الحديدة.



وحتى بداية 2022، رصد تقرير للثورة نت تنفيذ الحوثيين 32 عملية هجومية بحرية استهدفت 22 سفينة ذات جنسيات (سعودية وإماراتية، وتركية، ويونانية، وجزر مارشال)، إضافة إلى عمليتي اختطاف 4 سفن تجارية أخرى، واعتداءات أخرى على موانئ تجارية يمنية وسعودية.



واستخدمت فيها الصواريخ، والألغام البحرية، والزوارق المسيّرة المفخخة، والطائرات دون طيار، في محاكاة لهجمات الحرس الثوري الإيراني ضد السفن التجارية وناقلات النفط بمضيق هرمز.



ووفقاً لوزير الإعلام معمر الارياني، فإن "هذه الجرائم الإرهابية ما كانت لتتم لولا استغلال مليشيا الحوثي لاتفاق السويد واستمرار سيطرتها على موانئ ومدينة الحديدة".



وبالتزامن مع هذه الهجمات، تفاخر قادة الجيش الإيراني بمستوى القوّة التي وصل إليها وكلاؤهم الحوثيون بفضل الدعم والمساعدة الإيرانية بما فيها تقنيات الصواريخ والطائرات المسيّرة والألغام.



وقال ناطق القوات الإيرانية "أبو الفضل شكارجي"، في تصريح لقناة روسيا اليوم بتاريخ ٢2 سبتمبر 2020، إن "طهران نقلت تجربتها التكنولوجية في المجال الدفاعي إلى اليمن ليتمكن اليمنيون (الحوثيون) من صناعة الصواريخ والطائرات المسيرة بأنفسهم". مؤكداً إرسالها "خبراء ومستشارين عسكريين إلى اليمن وسوريا والعراق ولبنان".



وقبلها كان نائب قائد الحرس الثوري علي فدوي، قد أكّد في مقابلة مع القناة الثالثة للتلفزيون الإيراني نهاية مايو 2019، أن "إيران تدعم الحوثيين في اليمن بكل ما تستطيع".



وقال إن "مساعدة الحوثيين بكل الطرق فرض علينا وفقًا للقرآن، وإننا نقوم بهذا الواجب. موضحاً أن "ما يمنع إرسال قوات إيرانية إلى اليمن كما يحصل في سوريا هو الحصار المفروض على اليمن".



وهو ما يؤكّد أن إيران باتت تمتلك قاعدة عسكرية متقدّمة تمكّنها من الهيمنة على حركة التجارة العالمية عبر مضيق باب المندب الذي تعبره أكثر من 60 سفينة تجارية يومياً، وبهذا تكون قد أحكمت سيطرتها على البحر الأحمر من جانبيه، فقد سبق وأنشأت قواعد عسكرية بمنطقة القرن الإفريقي المقابلة والتي تضم بطاريات صواريخ متوسطة وبعيدة وأخرى مضادة للطائرات والسفن.



هدنة منهارة



وأمام التعنت الحوثي والتراخي الأممي، لم يكن أمام الحكومة الشرعية أي خيار سوى تعليق عمل فريقها في لجنة إعادة الانتشار بدءً من مارس ٢٠٢٠، في إطار "تقييم الجدوى من الاتفاق".



وفي أغسطس 2021، طالبت بنقل "البعثة الأممية (أونمها) إلى مكان محايد وتمكينها من تنفيذ مهامها وفقاً لأولوياتها المحددة في قرارات الأمم المتحدة". محذّرة من أن بقاء البعثة بمناطق سيطرة الحوثيين "يهدد اتفاق ستوكهولم".



وكانت مواقف شعبية ورسمية قد سبقت الحكومة في رفض عبثية اتفاق استكهولم، ومنها مطالبة ٢٦ عضواً في مجلس الشورى بإلغاء اتفاق استكهولم في سبتمبر ٢٠٢٠.



وفي ١٤ أكتوبر ٢٠٢١، طالب ٣٨ برلمانياً رئيس الجمهورية بإلغاء الاتفاق وتحرير الحديدة.



وفي أكتوبر 2022، دعت هيئة التشاور والمصالحة، مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لإعادة النظر في الاتفاق. وقالت خلال اجتماع لها إن مليشيا الحوثي لم تبق "أي فرص أو نوايا حقيقية للالتزام بمضامين الاتفاق الذي منحها فرصة للبقاء على حساب الشعب ومستقبله".



وفي الوقت ذاته، حذّر مجلس الدفاع الوطني في اجتماع طارئ له، من أن التصعيد الحوثي واستهدافهم للموانئ "من شأنه إعفاء الحكومة اليمنية من كافة الالتزامات التي تنصلت عنها المليشيا الحوثية، بما فيها اتفاق ستوكهولم وعناصر الهدنة الانسانية المنهارة".



وقبل يومين وصل المبعوث الاممي الى عدن، والتقى رشاد العليمي، بعد زيارة للمبعوث الى الرياض ولقاء المسؤولين السعوديين، وافصاح مصادر عن اقتراب التوصل لاتفاق مرحلي يوسع الهدنة من بوابة الملف الانساني فيما تستمر المفاوضات بشأن احراز تقدم في ملف السلام الشامل وسط تعنت الحوثي وركاكة المواقف المضاد اجمالا.

ليست هناك تعليقات