الحوثية والشراكة... طموح التوسع ومتغيرات المرحلة صنعاء، ناف نيوز منذ بداية الأحداث الأولى للحروب الستة في صعدة، عرفت سياسة جماعة الحوثي...
الحوثية والشراكة... طموح التوسع ومتغيرات المرحلة
صنعاء، ناف نيوز
منذ بداية الأحداث الأولى للحروب الستة في صعدة، عرفت سياسة جماعة الحوثي بنقضها للاتفاقيات وقفزها فوق بنود الشراكة والسلام، لتعمل على تحويل المفاوضات إلى نقاط تحول تخدم مصالحها وطموحاتها التوسعية، وبذلك نجحت في الوصول إلى صنعاء.
اليوم وفي ظل المتغيرات الإقليمية التي فرضت تصالحا سياسيا بين طهران والرياض، تشهد الأزمة اليمنية تكهنات حول مساعي أممية وإقليمية، لفرض مرحلة انتقالية تقوم على تشكيل حكومة توافقية تتقاسمها مختلف المكونات والقوى السياسية اليمنية بما في ذلك جماعة الحوثيين.
ولكن يرى مراقبون أن تاريخ جماعة الحوثيين لا يشجع باقي الأطراف على منحها الثقة، إذ أنها قد تنقلب على أية حلول من هذا النوع، نظرًا لكون الجماعة لا تؤمن بأي من مفردات الشراكة السياسية، فيما يرى آخرون أن الحركة الحوثية تواجه في الوقت الحالي تحديات استراتيجية وسياسية قد تجعلها مضطرة للقبول بنوع من الشراكة السياسية التي تضمن لها الحفاظ على نفوذها في حدود جغرافية.
ثقة منقوصة
عرفت جماعة الحوثيين بفكرها العقائدي المتطرف، إذ تستند إلى مرجعيات لا تؤمن بالشراكة السياسية ويبرر لها نقض المعاهدات والالتفاف على بنود السلام الذي تبرمها مع مختلف القوى والمكونات الأخرى، وقد شهدت مرحلة الرئيس السابق علي عبدالله صالح تاريخياً حافلاً من التناقضات الحوثية.
وفي هذا السياق يشير الصحفي محمد المياس إلى أن "جماعة الحوثيين عرفت خلال السنوات الماضية بطبيعتها المتعارضة مع مفردات السلام، ولم يسبق أن صدقت في معاهدة أبرمتها مع أية طرف".
وأضاف المياس في إطار حديثه لـ"نيوزيمن": "خاضت جماعة الحوثيين ستة حروب ضد الحكومة اليمنية في عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وجميع هذه الحروب انتهت بمعاهدات قدم فيها الطرف الحكومي تنازلات كثيرة لإحلال السلام في صعدة وإنهاء تمرد الجماعة، غير أن جميع هذه المعاهدات انتهت بحروب أكثر دموية".
وتابع: "تاريخ الجماعة المليء بالانقلابات ولا يشجع أيا من الأطراف اليمنية على منحها ثقة الشراكة السياسية، ما لم يكن هناك حلول جادة لنزع سلاحها وإجبارها على التحول من جماعة مسلحة الى شريك سياسي سلمي".
تصور آخر
وفي ظل الحديث عن مساعي أممية وإقليمية للدفع باليمنيين في عملية سلام تقوم على تشكيل حكومة واحدة تكون جماعة الحوثي شريكًا فيها، يرى محللون سياسيون أن الحركة الحوثية لن تكون شريكًا فاعلًا في العمل السياسي السلمي، فيما يعتقدون أنها قد تستغل هذه المتغيرات لتعزيز موقفها في ظل تصالح الرياض وطهران.
وفي هذا السياق، يعتقد الكاتب اليمني، والمحلل السياسي في الشئون الاستراتيجية والعسكرية الدكتور علي الذهب، أن التسوية في اليمن ستكون على غير ما يمكن توقعه تقليديًا، بأن يتم تجريد جماعة الحوثيين من الأسلحة وتحولها للمشاركة الفاعلة في الحكومة".
وأضاف الذهب في حديثه لـ"نيوزيمن": "حتى الآن لا يمكن تصور الشكل النهائي للمرحلة المقبلة، إذ لا أعتقد أن يقبل عبدالملك الحوثي الانتقال من شخص يرى نفسه قائدًا للبلاد ويحاول أن يكون زعيمًا عربيًا، إلى قائد جماعة محصورة داخل حكومة".
وفي الوقت الذي يرى فيه الذهب أن هذا التحول صعب للغاية ولا يمكن توقعه من عبدالملك الحوثي، يعتقد أن للرجل —عبدالملك الحوثي— طموحا أوسع، مشيرًا إلى أنه: "يتخذ من محيطه الأسري والسلالي على مستوى الهاشميين والشيعة بكافة طوائفهم، بمن في ذلك الطوائف الشيعية غير الجارودية، يتخذ منهم نقطة ارتكاز ومصدر قوة".
ويتصور أنه سيكون هناك وضع آخر لجماعة الحوثي، معتقدًا أنه قد: "يتم الإبقاء على جماعة الحوثي كحاكم للإقليم الذي تسيطر عليه في الوقت الحالي، في ظل حكومة فدرالية، على أن يتم تشكيل جيش مركزي من جميع المكونات، يتموضع في نفس المناطق التي تسيطر عليها، وتخضع المناطق الداخلية أمنيا، وتعاد صياغة الجيش بطريقة أو بأخرى". حدّ وصفه.
وقال: "لا أتصور أن الحركة الحوثية ستكون حركة مشاركة بفاعلية في العمل السياسي السلمي، ولكنها ستكون حركة حاكمة في مناطق سيطرتها".
وفي الوقت ذاته لا يتفاءل "الذهب" بعملية السلام التي تحاول الأمم المتحدة والقوى الإقليمية دفع اليمنيين إليها، والتي تتمثل بتشكيل حكومة واحدة، إذ يعتقد "أن جماعة الحوثي قد تستغل المتغيرات لتعزيز موقعها خصوصا وأنها في الوقت الحالي متخوفة من اتفاق الرياض وطهران، وتسعى لردم الفجوة بحيث أن لا يحدث ذلك أثرًا على موقفها السياسي والعسكري".
معطيات الواقع
وفي ظل مخاوف اليمنيين من انقلاب جماعة الحوثي على مبادرات السلام التي تسعى لفرضها الأمم المتحدة، يعتقد مراقبون أن الحركة الحوثية قد تقبل مؤقتًا بتشكيل حكومة فدرالية تمنحها سلطة حاكمة على مناطق سيطرتها، وذلك نظرًا للتحول الذي شهده ملف الأزمة اليمنية منذ ما بعد 7 أبريل من العام الماضي –تاريخ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي.
وفي هذا السياق، يقول الدكتور علي الذهب الذي يرى أن المتغيرات التي واجهتها جماعة الحوثي في الوقت الراهن لا تسمح لها بالتمدد، يقول إنها: "قد تقبل في الوقت الحالي بتسوية سياسية من هذا النوع، ولكنه قبول للواقع ومعطياته".
وأضاف الذهب في إطار حديثه لـ"نيوزيمن": "في حال حاولت التقدم في مأرب على سبيل المثال، سيكون الوضع مختلفًا تماما عن ما قبل 7 أبريل، إذ ستتحرك باقي الجبهات، لأن الجميع اليوم أصبح في مجلس قيادة وهناك قرار مشترك، وستتحرك الجبهات خصوصًا جبهات تعز والساحل الغربي".
وأوضح أن "إيران قد تتخلى عن الحوثيين بمقايضه سياسية مقابل مصالحها مع السعودية، لكن هذا التخلي عبارة عن ورقة تقايض بها الى أن تستنزفها، وهذا سينعكس على الحوثيين ووضعهم العسكري".
وفي حين يرى الذهب أن الطموح التوسعي جزء من استراتيجية الجماعة ولن يتوقف، أشار إلى أنه:" لا يمكنها تحقيق هذا الطموح في الوقت الحالي، لأن وضع خصومها لم يعد يسمح لها بذلك".
وأوضح أنه: "في عام 2014 كانت الحركة الحوثية متقدمة وكانت الظروف في صالحها، إذن كانت تحظى بدعم خفي من اللاعب الاقليمي، وكانت مصالحهم محدودة، أما الآن أصبحت المصالح الإقليمية متشابكة".
وفي حين يرى أن "المجتمع الدولي ومراكز القوى العالمية، أصبحت مقتنعة بأن يظل الوضع على ما هو عليه" يعتقد أن "الجماعة لم يعد لديها القدرة على إحداث هذا التحول، وآخر فرصة كانت أمامها هي معركة مأرب وفشلت بها".
وذكر أن: "التطلعات التوسعية للحركة موجودة في خطابها الذي يشير الى أن حدودهم مكة والمدينة والجزيرة العربية، ومحمد البخيتي أكثرهم صراحة، وإن كان يلف ويدور في حديثه فإنها الحقيقة، إذ تسعى الجماعة لبلوغ الرياض وأبعد من ذلك".
ليست هناك تعليقات